الأربعاء، 4 فبراير 2015

كتب أخونا أحمد طه ..


منذ أسر الطيار معاذ، واشتعلت "حرب إعلامية" بين الدولة الإسلامية، ونظام الأردن.. لعبت فيها الدولة نوعاً جديداً وخاصاً بها في "الدبلوماسية السياسية التفاوضية" فربطت "النظام الدولي" ببعضه.. اليابان كداعم مالي ولوجستي، ونظام الأردن كداعم ( محارب، واستخباراتي، ولوجستي ) والولايات المتحدة كقائد عام لـ "التحالف الدولي الصليبي" أرادت أمريكا إفشال "التفاوض" من أجل أن لا يتم "الاعتراف ضمنياً" بالدولة الإسلامية.. دولة تقارع كبار الدول، ولا يهم أمريكا لا الجاسوس الياباني ولا الطيار الأردني.. وجاء رد الدولة سريعاً فذبحت الجاسوسين اليابانيين.. واشتعل الرأي العام الياباني، وانشغل الأردن بقضية معاذ والجاسوس الياباني، وفي ذلك "انتصاراً" سياسياً للدولة الإسلامية، انتهى بتعليق اليابان دعمها لـ "التحالف الدولي الصليبي" وفي ذلك رسالة واضحة.. أن الدخول لهذا التحالف، ليس كالدخول لنادي رياضي.. بل كل من سيدخل فيه سيدفع ضريبة باهظة إن عاجلاً أو أجلاً.. إن شاء الله.
وأما الطيار معاذ، فكان له قصة أخرى:
لعب "نظام الأردن" لعبة "الحرب الإعلامية" فتم تسليط "الأضواء" على والد ووالدة معاذ.. وأهل وعشيرة معاذ.. إنهم - فيما يبدو - مثلنا ! إن معاذ - كما يقولون عنه - يصلي ! ووالده يقول: "إنه مسلم مثلنا".. وخرجت والدته تسترحم الحفاظ على حياة ابنها، وتظهر والدته كأي أم لنا.. هذا التأثير الإعلامي الخطير، والذي يجعل عموم المسلمين يتشكك في "عدالة" قضية الدولة الإسلامية.. هل فعلاً معاذ مسلم مثل عموم المسلمين، إن أهله - فيما يبدو - مثلما عليه بقية المسلمين، فما الفرق ؟!
ولأن "الحرب الإعلامية" هي من أخطر الحروب، و"اغتصاب العقول" هو أشرس جزء في المعركة، ردت الدولة على هذه الحرب بـ ( يا أهل الأردن.. معاذ جاء ليقتلنا ) ! وهو فيلم يشرح أبعاد القضية من كافة أطرافها.. إذ أن "مشاهدة" - من طرف واحد - والدة معاذ تبكي ابنها، يجعل ملايين المسلمين تتعاطف معها ولا شك، وطلب الرحمة إن كان ثمة خطأ..! وهذا دأب الحرب الإعلامية دوماً..
ولكن عندما يشاهد المسلمون آلاف الأمهات وهن يبكين أبنائهن الذي قتلوا تعذيباً وحرقاً.. تحت نيران التحالف الصليبي، وعندما يشاهد مئات النساء اللاتي اغتصبن في سجون الطواغيت، برعاية الصليب، وعندما يشاهد آلاف المسلمين الذين تم أسرهم، واغتصابهم في سجون الصليب.. عندها ستكون "دموع" أم معاذ.. كالنقطة في بحر دموع ملايين المسلمين !!
هذا مع افتراض أن قتلى المسلمين في ( العراق، ومصر، وفلسطين، ومالي، وبورما... إلخ ) يمتلكون طائرات الإف 16، ويلقون بحممها على رؤوس الناس !
فلماذا معاذ مرتد ؟
هل لأنه قتل مسلماً ؟ كلا ! مجرد قتل المسلم، لا يجعله مرتداً، ولكن ما جعل معاذ مرتداً، وكذلك "النظام الأردني" - وكل من شارك في التحالف الدولي بلا استثناء - هو "الدخول" تحت راية الصليب الأمريكي، وإعانتهم على قتل المسلمين.. هذا هو "مناط الكفر" - وكذلك نبذ شرع الله - بل لو كانت المشاركة مجرد "دعماً لوجستياً" - أي خدمات تموينية وغيرها - يدخل في تعداد أهل الردة.. حتى ولو كان معاذ يشهد الشهادتين، حتى ولو كان يصلي الفجر ! فإن الدخول تحت راية الصليب وإعانتهم على قتل المسلمين "فعل" يخرج صاحبه من الإسلام.. وإننا لا نقول هذا الكلام من غل أو غضب - والعياذ بالله - فهذا ما قرره الأئمة الأعلام، وكبار الفقهاء - بلا خلاف - قبل أن أُولد، ويولد أبي ! ولمن شاء فليراجع كلامهم في كتب الفقه المقررة قديماً وحديثاً، أو حتى يقرأ فقط القرآن فهو شديد الوضوح في قضية "الولاء والبراء".
وأما مسألة التحريق بالنار: فما عليه بعض الفقهاء أنه لا يجوز ابتداء العقوبة بالنار، إلا في حالات "المعاملة بالمثل، والقصاص" ومعاذ حرّق أطفال المسلمين، ونسائهم، ورجالهم.. بنيران قاذفات طائرته !
على أنني كنت أتمنى مبادلة أسرى المسلمين - في سجون الطواغيت - بهذا الطيار، لكننا لا ندري ما ظروف وملابسات ذلك.
إن على أهل معاذ التبرأ منه.. لأنه عمل غير صالح ! وذلك لأن "الولاء والبراء" - وهو من أصول الإيمان - ليس على رابطة الدم أو العشيرة أو القبيلة أو القوم أو حدود الأرض..
إنما الولاء والبراء على "الإسلام" وضرب القرآن الكريم أمثلة لذلك، فسمى ابن نوح - عليه السلام - "عمل غير صالح" ولم يقبل الله شفاعة نبي دعى قومه ألف سنة إلا خمسين عاما - وهو من أولي العزم من الرسل - لم يقبل شفاعته في ابنه، وقال تعالى: { إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } [هود : 46] وضرب مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون.. الذي قال: { أنا ربكم الأعلى } فالقضية هي "قضية الإيمان" لا "قضية الأوطان والأنساب"..
قد يكون هذا الكلام غريباً مستهجناً على سمع البعض، وتلك غربة الإسلام، وتلك هي الحقيقة.. التي عملت العلمانية على إحفاءها من ضمير وعقول وقلوب المسلمين.. تلك العلمانية التي جعلت من النظام الأردني عاهرة قذرة للنظام الصليبي الأمريكي.. به أفحش جهاز للاستخبارات يفعل ما يتعفف الصليب عن اقترافه.. هذه الحقيقة التي أخفاها علماء السلطان وجعلوا للطاغوت لحية، وشهدوا له بالإسلام، فضاع دين الناس..!!
إن المرتد عن الإسلام مُخلد في النار، وكلنا حتماً سيموت أياً كانت الطريقة.. وإن الحزن والحسرة ليست في الموت فكل من عليها فان، إنما الحزن والحسرة في فوات الجنة: { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ } [آل عمران : 185] وأما الخاسرين: { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [التوبة : 68] ويومها: { يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 34: 37 ]
يا أهل الأردن ويا أمتي: المعركة لم تبدأ بعد، والفتن لم تأت بعد !! وإني أكتب الآن.. لأحذر كل مسلم أن يراجع دينه، فسوف ينفصل العالم كله إلى فسطاطين: "فسطاط إيمان لا نفاق فيه"، و"فسطاط نفاق لا إيمان فيه".. فالسعيد من نجى بنفسه، وإنها لفتن كقطع الليل المظلم يُمسي الرجل مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح الرجل مؤمناً، ويُمسي كافراً.. فاشغلوا أنفسكم بالبحث عن "طريق النجاة" فإن الدنيا ساعة من نهار؛ لاختبار حقيقة الإيمان.. لا مجرد ادعاءه !! ومن أدخل الحسابات القومية، وروابط الدم والنسب في "مسألة إيمانه" وجعلها محل "الولاء والبراء" فقد هلك.
فتوبوا إلى الله جميعاً - أيها المسلمون - لعلكم ترحمون !